قد تؤدي هذه الثورة المالية المحتملة إلى تغيير المشهد في الدوري الإنجليزي الممتاز بشكل كبير
ربما لم يعد الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم يجد منافسة حقيقية من بقية دوريات كرة القدم الأوروبية على صدارة قائمة مسابقات كرة القدم الأفضل في العالم على صعيد التنافسية والإيرادات والأرباح، فبفضل نجاحات أنديته المستمرة بلا توقف وقوة علامته التجارية الاستثنائية كشف تقرير مفصل صادر عن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" في الـ15 من فبراير (شباط) الماضي أن إجمالي إيرادات أندية الدوري الإنجليزي الممتاز البالغ عددها 20 نادياً، وصلت إلى 6.5 مليار يورو (7.04 مليار دولار) في عام 2022، وهو ما يعادل تقريباً إجمالي إيرادات أندية الدوريات الـ20 التالية في الترتيب مجتمعة.
وقال "يويفا" إن هذه الأندية الإنجليزية الـ20 مجتمعة حققت إيرادات تعادل إيرادات جميع الأندية الـ642 في 50 دولة خارج الدوريات الخمسة الكبرى (إنجلترا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا).
ووفقاً للتقرير السنوي لأغنى أندية كرة القدم حول العالم، الذي تصدره مجموعة "ديلويت" للأعمال الرياضية، فإن مانشستر سيتي بطل إنجلترا وأوروبا واصل تربعه على عرش الأعلى إيرادات في العالم لعام 2023، وللسنة الثانية على التوالي، بإيرادات إجمالية بلغت 731 مليون يورو (792.01 مليون دولار).
وللمرة الأولى في تاريخ النشرة السنوية أصبح أكثر من نصف أندية القائمة التي تحمل اسم "دوري المال" من بلد واحد، إذ تشكل أندية الدوري الإنجليزي الممتاز 11 نادياً من بين أفضل 20 نادياً.
وأشار الشريك الرئيس في مجموعة "ديلويت" تيم بريدج إلى أن الدوري الإنجليزي الممتاز هو الوحيد من بين الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى الذي شهد زيادة في قيمة حقوقه الإعلامية خلال عملية بيع حقوقه الأخيرة.
وقال "هو لا يزال يجتذب ملايين من المتابعين العالميين، وتتمتع الأندية الأعضاء فيه بأفضلية في الإيرادات مقارنة بمنافسيها الدوليين".
وعلى رغم ذلك يوشك الدوري الإنجليزي الممتاز على إجراء هزة مالية كبيرة، إذ تشير التقارير إلى أن الأندية تدرس إجراء إصلاح جذري لقواعد الربح والاستدامة، بعدما ألقى خصم النقاط الذي فرض أخيراً على إيفرتون ونوتنغهام فورست -بسبب خرق القواعد المالية- إلى جانب القوة الشرائية الضعيفة بمعظم الأندية في يناير (كانون الثاني) الماضي، الضوء على مدى تأثير قواعد الربح والاستدامة، إذ يعتقد كثيرون داخل الدوري أن اللوائح تعوق قدرته التنافسية وجاذبيته العالمية.
ولمعالجة هذه المشكلة يبدو أن الدوري الممتاز بدأ في دارسة السير على خطى الدوري الأميركي لمحترفي كرة السلة "أن بي أيه"، الذي يطبق نظام "ضريبة الرفاهية"، الذي يستبدل نظام خصم النقاط والعقوبات الإدارية، بضرائب مالية متصاعدة على الأندية التي تتجاوز حدود الإنفاق المنصوص عليها.
وعلى عكس خصم النقاط، لن يؤثر ذلك بشكل مباشر في أداء الأندية على أرض الملعب، بل يمكن بعد ذلك إعادة توزيع الغرامات المحصلة على الأندية الملتزمة، مما يخلق حافزاً مالياً للإنفاق المسؤول، كما يمكن استخدام الأموال القادمة من ضرائب الأندية الأكثر إنفاقاً لدعم الفرق المتعثرة مالياً في الدوريات الأدنى، مما يعزز نظاماً بيئياً أكثر توازناً لكرة القدم.
وعلى رغم ذلك فإن اقتراح "ضريبة الرفاهية" لا يخلو من الانتقادات والنقاشات الحادة، إذ تقترح بعض الأندية أن تطبق الفكرة بحد أقصى ثابت لكل الأندية مع هامش من المرونة ضمن حدود الإنفاق، بينما يقترح آخرون نظاماً يربط فيه سقف الإنفاق بأقل فاتورة أجور في الدوري لخلق حال من تكافؤ الفرص ومنع الإنفاق الجامح من الأندية الأكثر ثراء.
ومن المتوقع إجراء تصويت على هذه المقترحات في اجتماع نهاية الموسم في يونيو (حزيران)، ومع الحاجة إلى موافقة 14 نادياً من أصل 20 نادياً لإحداث أي تغيير تظل النتيجة غير مؤكدة.
وقد تؤدي هذه الثورة المالية المحتملة إلى تغيير المشهد في الدوري الإنجليزي الممتاز بشكل كبير، مما يؤثر في كل شيء بداية من نشاط الانتقالات إلى شكل وقوة التنافس بين الأندية.
وتميل أندية "الستة الكبار"، وهي أرسنال وتوتنهام وليفربول وتشيلسي ومانشستر يونايتد ومانشستر سيتي، إلى التصويت معاً، وأخيراً يبدو أن نيوكاسل المملوك لصندوق الاستثمارات العامة السعودي انضم لهم لتشكيل "السبعة الكبار".