أثار هذا العطل الكثير من الجدل لدرجة أن البيت الأبيض علق رسمياً على الحدث بالقول “أصحاب مواقع التواصل الإجتماعي لديهم قوة لا يستطيعون السيطرة عليها”.
أثارت تلك الحادثة أيضاً تكهنات عديدة حول سبب العطل، فالبعض ذهب إلى أنه نتيجة إختراق لمراكز بيانات الشركة أو خوادمها، والبعض قال أنه تعطيل متعمد من قبل إدارة فيسبوك لحجب بعض الأمور عن بعض الساسة.
والبعض قال أنه عطل فني طبيعي يمكن أن يحدث لأي موقع أو شركة، وفي الأخير بعد ست ساعات تقريباً عادت المواقع للعمل من جديد، والعالم أجمع كان بإنتظار معرفة أسباي العطل من قبل إدارة فيسبوك.
أثر هذا العطل بشكل كبير على مليارات المستخدمين مابين أفراد وشركات يعتمدون على منصات فيسبوك وواتساب وإنستجرام بشكل يومي وحيوي في التواصل والأعمال، خصوصاً في مجال التجارة الإلكترونية.
وقد كان العطل كارثياً أيضاً على أسهم فيسبوك ومؤسسها، حيث هوت الأسهم بنسبة ٥٪ مباشرة عند الإبلاغ عن العطل، وخسر “مارك زكربيرج” من ثروته خلال ساعات ٦ مليار دولار لتنخفض مرتبته في قائمة أثرياء العالم إلى المركز الخامس بعد “بيل جيتس”.
ماذا حدث لفيسبوك بالضبط هل هو عطل “فني” أم متعمَّد؟
هناك عدة آراء حول سبب العطل، الرأي الأول تؤيده التصريحات الرسمية، وهو أن عطلاً ضرب أجهزة التوجيه الداخلية “الراوترز” التي تعمل على تنسيق المعلومات وإرسالها إلى مراكز البيانات، وذلك أثناء عمل تحديثات دورية من قبل المهندسين المختصين.
وبغض النظر عن الناحية التقنية للمشكلة، فهي ليست مستعصية بالشكل الذي حدث مع عطل فيسبوك الأخير، ويمكن حلها في وقت أقصر من ذلك بكثير، إلا أن هوس الأمان في فيسبوك هو الذي حال دون وصول التقنيين لمراكز البيانات حيث كانت هويات الدخول أيضاً معطلة.
هذا الرأي لم يكن مقنعاً لأصحاب الرأي الثاني الذين رأوا أن العطل كان متعمداً، حيث يصعب للغاية حدوث مثل هذا العطل لشركة مثل فيسبوك التي تمتلك أفضل التقنيات وأنظمة الشبكات في العالم، وهو عطل لا تقف أمامه حتى الشركات الصغيرة التي لا تقارن بشركة واحدة من شركات فيسبوك.
فالعطل كان متعمداً بهدف إجراء تعديلات ما، أو أزالة ما يمكن أن يصبح فيما بعد أدلة تستخدم ضد فيسبوك، وذلك قبل يوم واحد من مثول الموظفة السابقة في فيسبوك “فرانسيس هوغن” أمام الكونجرس الأمريكي للإدلاء بشهادتها حول إنتهاكات تحدث داخل منصة فيسبوك.
حيث صرحت بأن هناك أموراً لا يعرفها أحد خارج فيسبوك، ويتم حجبها عن المستخدمين، وعن الحكومة الأمريكية، وحكومات العالم أجمع، وأن فيسبوك به محتوى يحرض على العنف، ويمثل خطورة كبيرة على الأطفال.
وقالت أيضاً أن الشركة تفضل الربح على محاربة المحتوى المسئ أو المحتوى الذي يدعم الإتجار بالبشر، بإختصار منصة فيسبوك لها تأثير مدمر على الصحة والسلوك العام.
إذا صحت تلك الإدعاءات سيستلزم ذلك تحقيقياً كاملاً من قبل الحكومة الأمريكية، وقد تكون الموظفة على حق كونها عملت لفترة في منصب إدارة بيانات فيسبوك.
أيضاً، من الأدلة التي تؤيد الرأي الثاني إصدار تصريحات رسمية من قبل البيت الأبيض والبنتاجون، جهتين ليس من إختصاصهما التدخل عادة في مثل هذه الأمور التي هي مجرد مشاكل داخلية للشركات، إلا إذا كانت تهدد الأمن القومي أو حياة المستخدمين.
فقد صرح البنتاجون بالآتي “نبحث إمكانية وجود تهديدات أمنية على خلفية العطل الذي أصاب مواقع فيسبوك – إنستجرام – واتساب”، وصرح البيت الأبيض على لسان المتحدثة بإسم الرئاسة “مواقع التواصل الإجتماعي لديها قوة لا تستطيع السيطرة عليها”.
في جميع الأحوال، أياً كان السبب، فقد وضع هذا العطل مصداقية فيسبوك على المحك، وجعل التطبيقات والشركات المنافسة مثل تليجرام وسنابشات تفوز بملايين المستخدمين خلال الساعات التي حدث فيها العطل.
يذكر أن مارك زكربيرج يتعرض لإنتقادات منذ فترة كبيرة تتعلق بإنتهاك خصوصية المستخدمين، وبيع وتسريب البيانات التي يُكشف عنها مابين حين وآخر.
مع كل ذلك، يمكن القول أن هذا العطل الذي يعد الأطول في تاريخ فيسبوك، لن يكون كافياً وحاسماً لتقوم على إثره أكثر من ٣٠٠ مليون شركة بترك منصة فيسبوك والتوجه لمنصات أخرى.
فما زال فيسبوك والمنصات التابعة له تستحوذ على ثاني أكبر نسبة من مستخدمي الإنترنت حول العالم بعد شركة جوجل، بأكثر من ٢ مليار مستخدم نشط شهرياً.