لا يستقيم الحديث عن الاستثمار التعديني في المملكة من دون التطرق، أولًا، إلى الثروات التعدينية التي يتمتع بها هذا البلد؛ حيث تتمثل قائمة المعادن المستخرجة في خام الذهب والنحاس والزنك والألومنيوم والمغنيسيوم والحديد والسيليكا والجبس والملح والأحجار والزبرجد والزيتوني، بالإضافة إلى مواد البناء مثل: البحص والرمل العادي وأحجار الزينة والردميات وخامات الأسمنت مثل: الحجر الجيري والصلصال والعديد من المعادن الصناعية المختلفة.
وعملًا على تعزيز فرص الاستثمار التعديني في المملكة دشنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية، في وقت سابق، بوابة «تعدين» الإلكترونية، والتي يُمكن من خلالها التعرف على نظام الاستثمار التعديني واللوائح التنفيذية، بالإضافة إلى الاطلاع على قاعدة البيانات الجيولوجية الوطنية، ومنافسات التعدين وسجل طلبات الرخص؛ حيث تأتي هذه البوابة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في القطاع.
وتُشير البيانات الرسمية إلى أن وزارة الصناعة والثروة المعدنية قدمت ما يزيد على 1967 رخصة للاستطلاع والكشف في قطاع التعدين، وهو ما يعكس تطلعات حكومة المملكة التي تهدف إلى جذب استثمارات بقيمة 170 مليار دولار في قطاع التعدين بحلول عام 2030، خاصة مع تزايد الطلب العالمي على المعادن.
وتمكنت صناعة التعدين في المملكة العربية السعودية من جذب كُبرى الشركات من داخل المملكة وخارجها؛ من أجل الاستثمار التعديني في المملكة، ولا تقتصر الصناعة على عملية التعدين فحسب، ولكن أيضًا هناك صادرات منتجات التعدين في المملكة كمواد خام وسلع متكاملة الصنع تتزايد بكثافة عالية.
استثمارات بـ 32 مليارًا
وإذا كنا نتحدث عن الاستثمار التعديني في المملكة فأولى بنا أن نشير إلى تصريح بندر الخريف؛ وزير الصناعة والثروة المعدنية، الذي أكد فيه أن الوزارة تستهدف جذب استثمارات بقيمة 32 مليار دولار في قطاع التعدين والمعادن؛ من خلال 9 مشروعات جديدة تهدف إلى دعم تصدير المنتجات المعدنية للأسواق المحلية والعالمية.
وأضاف أن الوزارة تعمل حاليًا على دراسة 145 طلبًا للحصول على تراخيص استكشاف من شركات أجنبية.
وأوضح أنه من بين المشروعات التي يتم تنفيذها حاليًا كجزء من الاستثمارات (أي الاستثمار التعديني في المملكة) المستهدفة، مصنع ألواح الصلب باستثمارات تزيد على 4 مليارات دولار، والذي يهدف إلى تزويد مصنع بناء السفن في مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية في رأس الخير، ومصنع لمدخلات بطاريات السيارات الكهربائية بقيمة ملياري دولار، بالإضافة إلى مشاريع أخرى لإنتاج معادن مثل الألومنيوم وصفائح الصلب ومصفاة النحاس والزنك، والتي من المتوقع أن يزداد الطلب عليها محليًا بفضل التوجه إلى التصنيع في المملكة.
وأشار الوزير إلى أن قيمة الاستثمارات المستهدفة من الوزارة تعتمد على نجاحها السابق في تطوير قطاع التعدين، والذي شهد استثمارات تزيد على 26 مليار دولار في الألومنيوم والفوسفات، وكان آخرها مشروع “الفوسفات 3” باستثمارات تبلغ حوالي 5 مليارات دولار.
وقال: إن الوزارة بدأت في استثمار ما يقرب من 900 مليون دولار؛ من خلال شركة التعدين الوطنية الرائدة “معادن” في مصنع الأمونيا بمدينة رأس الخير الصناعية، والذي يعد أول مشروع ضمن توسعة “فوسفات 3” في محفظة “معادن” للأسمدة الفوسفاتية، التي تتضمن عملية التطوير الكاملة للأسمدة الفوسفاتية من المنجم إلى السوق، لتصبح المملكة من الدول الثلاث الأكبر في تجارة الأسمدة الفوسفاتية.
الاستثمار التعديني في المملكة والرؤية
ويأتي هذا التقدم في الاستثمار التعديني في المملكة، حسب وزير الصناعة والثروة المعدنية، كجزء من رؤية المملكة 2030، بالتعاون مع وزارة الاستثمار ووزارة الطاقة، والتي تسعى إلى أن يكون قطاع التعدين الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية، وفق مستهدفات برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، مشيرًا إلى أن هذه المشاريع ستوفر أكثر من 14500 فرصة عمل.
وتتمثل مهمة وزارة الصناعة والثروة المعدنية في العمل على الاستفادة من الموارد التعدينية؛ لتطوير قطاع التعدين المستدام والقادر على المنافسة عالميًا، ومن شأنه دعم التنمية الاقتصادية، وتوفير فرص العمل وتنمية الصناعة على نطاق أوسع.
وتتوافق هذه المشروعات الاستثمارية في قطاع التعدين مع طموح المملكة في أن تصبح مركزًا رائدًا للتعدين والصناعات المعدنية، وتساهم في نمو المملكة العربية السعودية والمنطقة ككل.
وتسعى المملكة، من خلال رؤية 2030، إلى توسيع القاعدة الاقتصادية لديها؛ عن طريق تحويل المملكة لقوة صناعية رائدة ليكون قطاع التعدين الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية اعتمادًا على الثروات الطبيعية المُقدرة بنحو 1.3 تريليون دولار.
وتهدف الخطط الشاملة التي أعدتها الحكومة الرشيدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين، إلى تطوير قطاع التعدين؛ لتحقيق أقصى استفادة من ثروات المملكة التعدينية، وزيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي من 17 مليار دولار إلى 64 مليار دولار بحلول عام 2030.
وبلغ عدد المجمعات التعدينية في المملكة العربية السعودية، وفقًا لتقارير وزارة الصناعة والثروة المعدنية، نحو 360 مجمعًا، تتصدرها المجمعات الواقعة في منطقة مكة المكرمة بـ 72 مجمعًا، تليها منطقة الرياض بـ 53، ثم منطقة المدينة المنورة التي تضم 52 مجمعًا، كما بلغ عدد مواقع الاحتياطي التعديني في المملكة نحو 70 موقعًا.