بعد مواجهتين قويتين جذبتا الأنظار، مساء أمس الثلاثاء، في اليوم الأول من مباريات الدور ربع النهائي ببطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، حيث تعادل مانشستر سيتي الإنجليزي مع مضيفه ريال مدريد الإسباني في استاد "سانتياغو برنابيو" بنتيجة (3-3)، وتعادل أرسنال الإنجليزي مع ضيفه بايرن ميونيخ الألماني بنتيجة (2-2) في استاد "الاتحاد" بالعاصمة البريطانية لندن، تتجه الأنظار مساء اليوم الأربعاء إلى مباراتي اليوم الثاني، حيث يحل برشلونة الإسباني ضيفاً على باريس سان جيرمان الفرنسي في استاد "حديقة الأمراء"، ويستضيف أتلتيكو مدريد الإسباني نظيره بوروسيا دورتموند الألماني في استاد "سيفيتاس ميتروبوليتانو".
وبعد أسابيع من الشد والجذب والتصريحات الصحافية بين برشلونة وباريس سان جيرمان منذ الإعلان عن وقوعهما معاً في الدور ربع النهائي، تأتي لحظة الحقيقة لتحسم أحدث فصول الصراع الممتد بين الناديين خلال السنوات الأخيرة.
وعلى رغم الاختلافات العديدة بين الناديين لكن يجمعهما الضغط الشديد لتحقيق النجاح في دوري أبطال أوروبا هذا العام، حيث أن باريس سان جيرمان الذي بنى مشروعه على الفوز بالكأس الأوروبية المرموقة لا يزال يحاول تحقيق غايته بخاصة بعد التعاقد مع المدرب الإسباني لويس إنريكي الذي كان آخر مدرب قاد برشلونة لنفس اللقب في عام 2015، وقبل الرحيل الوشيك للمهاجم الفرنسي كيليان مبابي في الصيف المقبل.
أما برشلونة المثقل بالديون المالية والأزمات الاقتصادية والإدارية التي تضغط بقوة على مشواره الرياضي، فيسعى للوصول إلى أبعد نقطة ممكنة في دوري أبطال أوروبا لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، حيث سيبعث برسالة واضحة أنه قد عاد إلى طريق النجاح القاري بعد سنوات من الإخفاق تلقى خلالها هزائم موجعة على يد روما الإيطالي وليفربول الإنجليزي وبايرن ميونيخ الألماني وباريس سان جيرمان، كما ينظر برشلونة إلى العوائد المالية الضخمة التي ستنهمر على خزائنه مع كل تقدم في البطولة القارية الأكثر ربحية في العالم، إضافة إلى رغبته في التقدم عن مواطنه أتلتيكو مدريد في نقاط الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" على أمل التأهل لأول نسخة لكأس العالم للأندية في أميركا عام 2025.
وستكون مواجهة باريس سان جيرمان الذي يمتلك خط هجوم ناري يقوده مبابي أفضل اختبار لبرشلونة لمعرفة مدى قوته الحقيقية بعدما تحسنت نتائجه فجأة منذ إعلان مديره الفني تشافي هيرنانديز في الـ27 من يناير (كانون الثاني) رحيله في نهاية الموسم، حيث لم يخسر طوال 11 مباراة، وحقق الفوز في ثمان منها، سواء في الدوري الإسباني أو دوري أبطال أوروبا.
أما سان جيرمان الذي يتصدر الدوري الفرنسي برصيد 63 نقطة بعد مرور 28 جولة، بفارق 10 نقاط عن أقرب ملاحقيه ستاد بريست، فيبدو في وضع أفضل من النادي الكتالوني، بخاصة بعد وصوله إلى نهائي كأس فرنسا إثر فوزه على رين في قبل النهائي.
وقال تشابي إن مواجهة سان جيرمان فرصة يريدها بطل المسابقة خمس مرات في محاولته للعودة إلى مكانته بعد الخروج من دور المجموعات لعامين متتاليين.
وتأهل برشلونة إلى دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ أربع سنوات، وهو ما فعله في كل موسم بين (2007 - 2008) و(2019 - 2020).
وقال المدرب الإسباني في المؤتمر الصحافي قبل المواجهة "إنها لحظة حاسمة، بعد الغياب عن دور الثمانية لمدة أربع سنوات سيكون الأمر مثيراً".
اقرأ المزيد
"يمكننا أن نحلم مرة أخرى، نعتقد أننا في أفضل لحظات الموسم لكننا نواجه أحد أفضل الفرق في أوروبا، مع أحد أفضل المدربين وهو لويس إنريكي، إنه فريق خلق للفوز بدوري أبطال أوروبا".
وكانت نقطة العداء الواضحة بين النادي الكتالوني ونظيره الباريسي بدأت في عام 2017 عندما التقى الناديان في دور الـ16 بدوري الأبطال، وفاجأ النادي الباريسي العالم بالفوز على برشلونة بنتيجة (4 - 0) في مباراة الذهاب باستاد "حديقة الأمراء" ليضع قدماً في ربع النهائي، لكن مباراة الإياب التي تعد على نطاق واسع إحدى أهم مباريات البطولة على الإطلاق شهدت عودة تاريخية لبرشلونة بالفوز بنتيجة (6 - 1) في ملعبه "كامب نو" لبلوغ الدور التالي في مفاجأة مدوية.
وكان مدرب برشلونة آنذاك هو لويس إنريكي، الذي اعترف في مؤتمر صحافي في وقت سابق أمس بأن طريقة لعب العملاق الكتالوني لا تزال تلهمه في عمله مع باريس سان جيرمان.
وقال تشابي "تربطني علاقة رائعة مع (لويس إنريكي)، لديه فريق تم تجميعه خصيصاً للفوز بدوري أبطال أوروبا، سنواجه منافساً صعباً للغاية وكلانا يبحث عن نتيجة واحدة".
ويعتقد تشابي أن أسلوب لعب برشلونة القائم على الاستحواذ والتمريرات القصيرة ترك بصمته على جميع الفرق التي بلغت دور الثمانية لاستعانتها بمدربين سبق لهم اللعب للفريق الكتالوني.
وقال "يمكننا أن نفخر بوجود الحمض النووي لبرشلونة (بوجود) لويس إنريكي وبيب غوارديولا (مدرب مانشستر سيتي) وميكل أرتيتا (مدرب أرسنال)".
"غداً سنبحث عن نفس الشيء، من الآن فصاعداً يعود الأمر للاعبين للعثور على الحمض النووي الذي يحدد هويتنا كثيراً".
وأضاف "كرة القدم لا يمكن التنبؤ بها لكننا سنحاول السيطرة على الاختلافات، لويس إنريكي لديه مجموعة رائعة من المواهب تحت تصرفه لكننا سنحاول اللعب مع (باريس سان جيرمان) على قدم المساواة".
وقال مدرب باريس لويس إنريكي "آمل في أن يتغلب طموحنا على الضغوط، نحن لا نشعر بالضغط في الوقت الحالي لأننا متحمسون للغاية للعب على هذا المستوى ونحاول التأهل للدور التالي".
"خلال دور المجموعات لمست روح العزيمة والمسؤولية لدى اللاعبين وهو ما قادنا لهذا الدور".
وكشف إنريكي "لا أعرف تشابي على الإطلاق كمدرب، أعرفه كلاعب إذ كان زميلي في الفريق".
"أعرف النادي جيداً، أعرف برشلونة واللاعبين، لكنني لا أعرف ما إذا كان ذلك يمكن أن يمنحنا أفضلية وربما يكون العكس".
"أحمل الكثير من المشاعر لهذا الفريق بسبب تجربتي السابقة معه لكني أدرب باريس سان جيرمان حالياً ويجب التحلي بالاحترافية".
وراوغ مدرب باريس سان جيرمان مجدداً الأسئلة المتعلقة بكيليان مبابي حين سُئل عن عقلية المهاجم الفرنسي قبل المباراة بعد حصوله على راحة أخيراً.
وقال إنريكي "أعتقد أنك تسأل عن لاعب واحد لكني أريد التحدث عن الفريق لأنني أعتقد أن هذا أكثر إثارة للاهتمام، نحن في موقف جيد هذا الموسم العقلية الجماعية قوية للغاية".
وشددت الشرطة الفرنسية الإجراءات الأمنية حول ملعب "حديقة الأمراء" في أعقاب تهديد تنظيم "داعش" بشن هجمات مما يزيد المخاوف الأمنية قبل دورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقبلة.
وضاعفت إسبانيا وبريطانيا جهودهما هذا الأسبوع قبل مواجهات لأنديتهما في دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا يومي الثلاثاء والأربعاء بعد أن دعا تنظيم "داعش" لشن هجمات على ملاعب بما في ذلك بطائرات مسيرة.
وتثير هذه التهديدات قلقاً خاصاً بالنسبة لفرنسا، التي كانت هدفاً منذ فترة طويلة للجماعات المتشددة، في الوقت الذي تستعد فيه لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية في باريس في يوليو (تموز) وأغسطس (آب).
وفي استاد "حديقة الأمراء" التابع لفريق باريس سان جيرمان بدأت الشرطة، اليوم الأربعاء، في سحب السيارات المتوقفة ووضع كتل خرسانية، وأشرف كبار الضباط على هذه العمليات.
ومع ذلك، تجاهل المشجعون في متجر باريس سان جيرمان الكبير في وسط باريس المخاوف.
