قال كارلو أنشيلوتي أكثر من مرة، في ليلة كان من الممكن أن يتحدث فيها عن أشياء كثيرة "إنه شيء لا يمكن تفسيره".
كان مدرب ريال مدريد يتحدث بالطبع عن قدرة فريقه المذهلة على تحقيق الفوز في هذه المسابقة.
على الجانب الآخر، وبالنظر إلى هؤلاء الفائزين بلا هوادة، كان هاري كين يكافح من أجل تحقيق هزيمة أخرى رفيعة المستوى، وقد بدا مهزوماً حقاً، وكان من المستحيل عدم الشعور بالأسف على كين، بخاصة بالنظر إلى السيناريو الذي حدث بعد خروجه بسبب ما وصفها مدربه توماس توخيل بإصابة في الظهر.
كانت تلك الدقيقة 85 وكان بايرن ميونيخ قد وضع قدماً واحدة في النهائي، حيث كانوا متقدمين بهدف، وبدا أن ريال مدريد لم يتمكن من إيجاد طريق إلى المرمى يمر عبر الحارس مانويل نوير، الذي كان رائعاً، مما جعل الأمر غير قابل للتفسير عندما أسقط الكرة عند قدمي خوسيلو في اللحظة الحاسمة.
ما الذي كان يفكر فيه الهداف؟ قبل عامين فقط، كان مهاجم ستوك سيتي السابق -كما يجب أن يوصف الآن- في باريس كمشجع يشاهد فوز ريال مدريد بنهائي دوري أبطال أوروبا، والآن قد أعادهم إلى تلك المرحلة، بعد أن سجل هدفاً آخر تلا الهدف الأول بسرعة كبيرة ولم يكن لدى أحد الوقت لفهم كل ذلك.
وابتسم أنشيلوتي قائلاً "لقد حدث ذلك مرة أخرى، وهو ما حدث مرات عدة".
ومع ذلك، كان لا يزال هناك شيء أكثر من ذلك، لا تزال هناك أكثر اللحظات التي يتعذر تفسيرها في الليل، والتي تحتوي على الكثير من العناصر التي يصعب فهمها.
كانت عاطفة توخيل واضحة، كان غاضباً، حيث وضع مدافعه ماتيس دي ليخت الكرة في الشباك ليحقق هدف التعادل المثير للجدل في الوقت المحتسب بدل الضائع، لكن وتيرة اللعب أشارت بالفعل إلى أن الأمر لم يكن كذلك، إذ رفع الحكم المساعد رايته وأطلق الحكم صافرته بداعي التسلل وتوقف فريق ريال مدريد عن اللعب، وبالكاد حاول حارس ريال مدريد أندري لونين التصدي للكرة.
لم يحاول توخيل حتى إخفاء غضبه، لقد أطلق خطبة متصاعدة مع كل سؤال حول القرار.
وكان دي ليخت نفسه قد ادعى بالفعل أن المساعد أخبره بأنه "ارتكب خطأ" قبل أن يصفه المدافع نفسه بأنه "خطأ كبير جداً"
وذهب توخيل إلى أبعد من ذلك، حيث قال "إنه قرار كبير، كبير جداً وخاطئ".
"لا أعرف إذا كنا سنعرف في الخمسين سنة المقبلة لماذا حدث هذا".
"الأمر واضح للغاية... ما حدث هناك يتعارض مع كل قواعد كرة القدم الحديثة".
توخيل محق في ما يتعلق بما حدث بخاصة بالنظر إلى بروتوكول اللعبة الحديثة الذي ينص على انتظار المساعد لرفع رايته، لكن ما حدث كان أمراً آخر لا يمكن تفسيره.
ثم خرج توخيل بتعليق أكثر خطورة حيث قال "لم يكن هذا ليحدث على الجانب الآخر".
ومع ذلك، ذهب دي ليخت إلى أبعد من ذلك بالفعل، وقال "لا أريد أن أقول إن ريال مدريد لديه دائماً الحكام في صفه، لكن هذا صنع الفارق اليوم".
ومع ذلك، كان هناك تعليق أكثر سخاء من المدافع "الريال، عندما تعتقد أنهم ماتوا ويلفظوا أنفاسهم الأخيرة يحدث ذلك ولهذا السبب لديهم 14 لقباً في دوري أبطال أوروبا".
هذا صحيح، وهذا عنصر آخر يصعب تفسيره، على رغم أنه ربما ليس مستحيلاً.
من الواضح أن هناك قوة ذاتية الاستدامة، كما رأينا مع مانشستر يونايتد الذي سجل أهدافاً متأخرة تحت قيادة السير أليكس فيرغسون.
مدى معرفتهم ما يمكنهم القيام به يعمل على تمكين الفريق طوال المباريات ثم الانتقال إلى مستوى آخر في اللحظات الأكثر أهمية، وهذا بدوره يسبب الشك لدى الخصم.
يمكن لهذه الأشياء الصغيرة أن تنمو لتصبح شيئاً ضخماً في نهاية مثل هذه المباريات، كما رأينا مراراً وتكراراً.
إنه مثل هذا الاقتباس من فيلم "امسكني إذا استطعت"، "لماذا يفوز اليانكيز دائماً؟ لأن الفرق الأخرى لا تستطيع التوقف عن التحديق في تلك الخطوط اللعينة".
يمكن أن يكون اللون الأبيض لريال مدريد مبهراً لعدد من الأسباب، وفي الوقت نفسه، تحدث أنشيلوتي عن "ثقل" هذا القميص، حيث تطرق إلى شيء أعمق حول سبب استمرار حدوث ذلك.
وقال "ريال مدريد عائلة، تتم إدارتها بشكل جيد للغاية من قبل الرئيس، إنه نادي كرة قدم له تاريخ وتقاليد ووزن، ومن يرتدي هذا القميص، فهو مهم جداً بالنسبة لهم".
وكان ذكر الرئيس أكثر وضوحاً لأن أنشيلوتي ذكره مرات عدة، إلى درجة كانت مذلة بشكل غير مريح للمدير الفني الذي عادة ما يتم الإشادة به بسبب هدوئه.
وأضاف "يوجد هنا قبطان يُدعى فلورنتينو بيريز، ونحن جميعاً بحارة، القائد هو فلورنتينو، رئيس رائع، كان قادراً على خلق جيل من لاعبي كرة القدم الذين حققوا الكثير من الأشياء ويمكنهم الآن تحقيق دوري أبطال أوروبا آخر".
وإذا كان الأمر كذلك، ونظراً لكل هذا، فمن الصعب حقاً أن نتوقع الكثير من بوروسيا دورتموند، فسيكون هذا هو اللقب السابع الشخصي لبيريز واللقب الأوروبي الـ15 للنادي، وهذا سيكون أكثر من ضعف ألقاب أقرب ملاحقيه ميلان الإيطالي الذي لديه سبعة كؤوس، مما يجعل الرقم القياسي مزحة تقريباً.
ومع ذلك، هناك الكثير من التفسيرات، في حين أن ريال مدريد كان دائماً أحد أقوى وأغنى الأندية في أوروبا، إلا أن بيريز كان مهووساً تماماً بإبقائهم في القمة، وهذا يتجاوز بناء الفريق الذكي الذي أصبح الآن أفضل بكثير من عصر مجرة النجوم "ال غلاكتيكو"، ورداً على تهديد الأندية المرتبطة بالدول مثل مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان، أدرك بيريز أن ناديه لم يعد القرش الأبيض الكبير في السلسلة الغذائية، ذلك قام بتمكين رئيس التوظيف البرازيلي جوني كالافات من القيام بالأمور بطريقة مختلفة، طريقة أدت إلى تكوين هذا الفريق الشاب النابض بالحياة.
ولكن كان هناك أكثر مما هو عليه الأمر، ففي كل اجتماع للاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" أو للأندية الكبرى، رفض بيريز قبول أي شيء ليس في مصلحة ريال مدريد.
لقد قادوا تقريباً كل القرارات الكبرى التي ضمنت المزيد والمزيد من الجوائز المالية لأكبر الأندية.
وكان أكثرهم تأثيراً في عام 2016، ولحظة انضمامهم إلى بايرن ميونيخ بدلاً من مواجهتهم.
ومع استقالة ميشيل بلاتيني من رئاسة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، استغل الناديان الفراغ لضمان أن 30 في المئة من إجمالي جوائز دوري أبطال أوروبا ذهبت إلى الأندية على أساس الأداء التاريخي على مدى 10 سنوات، كما لو كانت "إتاوات".
من الناحية العملية، كان هذا يعني أن نيوكاسل يونايتد لم يضمن هذا الموسم سوى ما بين مليون وثلاثة ملايين جنيه استرليني (3.74 مليون دولار) من هذا المصدر الكبير للدخل، لكن مانشستر سيتي حصل على 30 مليون جنيه استرليني (37.45 مليون دولار)، وعلى مدى بضع سنوات، وبالاشتراك مع تدابير أخرى، يتراكم هذا بالفعل لخلق فجوات لا يمكن التغلب عليها.
لقد أدى ذلك بشكل مباشر إلى هذا الوضع حيث عادة ما تكون نفس الأندية في المراحل الأخيرة من دوري أبطال أوروبا، وحيث يمكن اعتبار بوروسيا دورتموند، وهو في المركز الـ12 بين أغنى أندية العالم، وواحد من 15 نادياً مدعواً إلى دوري السوبر الأوروبي "سوبرليغ"، من المستضعفين، هذا إلى حد كبير هو السبب وراء كون ريال مدريد على وشك تحقيق الكأس الـ15.
وكان هذا التهديد الذي يمثله "سوبرليغ" هو الذي تم استخدامه بشكل واضح لتأمين تلك الإصلاحات في عام 2016، حتى أن أسطورة بايرن ميونيخ كارل هاينز رومينيغه اعترف بذلك لمجلة "دير شبيغل" بعد بضع سنوات.
ربما يؤدي إلى عنصر آخر لا يمكن تفسيره.
وقال أنشيلوتي "إنها بطولة خاصة بالنسبة لنا" وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يزال الرئيس الذي كاد أن يثني عليه يحاول تدميرها من خلال دوري السوبر الأوروبي؟ والأمر الأكثر روعة هو أن بيريز قد خلق العالم الذي يريده إلى حد كبير.
يقع مدريد الآن في ملعب حديث مذهل على طراز ملاعب كرة القدم الأميركية، ويضم أحد أكثر الفرق الشابة حيوية في العالم، ويفوزون بانتظام بأكبر الجوائز، وهم الآن على حافة أخرى، لذلك ليس من الصعب شرح ذلك.