ليس لدى هينريك بومان شكوك إزاء المنافع التي ستجنيها شركته من قوة شركات تصنيع السيارات الألمانية الكبيرة. ''نجاح شركتنا لم يكن ليُتوقع من دون نجاح عملائنا، ومعظم عملائنا الكبار ألمان''، هذا ما يقوله كبير المسؤولين عن العمليات لشركة إيبرسباشر، هي مصنعة كبرى لنظم عوادم السيارات، مقرها مدينة شتوتجارت.
''إيبرسباشر'' هي واحدة من مئات شركات مكونات السيارات الكبرى في ألمانيا التي من بين مزاياها الرئيسة روابطها القوية مع مصنعي السيارات الرئيسِين في الدولة، وعلى رأسهم ''فولسفاجن'' و''بي إم دابليو'' و''ديملر''. هذا العام من المتوقع أن تجني المصانع في ألمانيا قرابة نصف السيارات المنتجة في غرب أوروبا، مقارنة بنسبة 30 في المائة في عام 2000، حيث إن مصنعي السيارات الكبار المتواجدين في الدولة يظهرون أداءً اقتصادياً أفضل من منافسيهم في باقي القارة.
في مصنع سيارات ''بورش'' مترامي الأطراف بالقرب من مدينة شتوتجارت، تعمل خطوط الإنتاج في الوقت الذي يضع فيه 6.500 عامل بالمصنع لمساتهم النهائية لسلسلة من طراز 911 سيارة تباع بالتجزئة بمبلغ مائة ألف دولار أو أكثر.
وحينما سئل عن شرح النجاح النسبي لسيارات ''بورش'' وشركات تصنيع السيارات الألمانية الأخرى، قال مدير التسويق والمبيعات لشركة بورش، بيرنارد ماير: ''بالحديث عن شركتي فقط، فإننا قد استثمرنا في الطراز والنوعية والعلامة التجارية أيضاً''.
''من الصعب على الناس أن ينظروا إلى فكرة شراء سيارات رياضية فارهة من دون وضع سيارة بورش في الاعتبار''.
الأداء الجيد نسبياً لمصانع السيارات في ألمانيا – وإضافةً إلى إدارته من قبل المنتجين الألمان الكبار من بينهم مصانع تملكها شركات من قبيل ''فورد'' و''جنرال موتورز'' من الولايات المتحدة – تقف على النقيض من الصعوبات الأشمل لصناعة السيارات الأوروبية.
الطلب على السيارات في أنحاء أوروبا تراجع بحدة بعد الانهيار المالي في عامي 2007 و2008 وفشل في التعافي منذ ذلك الحين. ولهذا السبب جزئياً فإن عدداً من السيارات والشاحنات الخفيفة التي تصنع في أنحاء أوروبا – التي تشمل تركيا ومجموعة دول شيوعية سابقاً – من المتوقع أن ينخفض هذا العام 8 في المائة مقارنة بعام 2000.
غرب أوروبا هو الإقليم الأسوأ تضرراً، بعد هبوط أكبر بكثير يصل إلى 29 في المائة من 16.5 مليون وحدة في عام 2000 إلى 11.7 مليون وحدة هذا العام.
وأمام هذا التوجه الكئيب، فإن مصانع السيارات المتواجدة في ألمانيا كان أداؤها جيدا.
عدد السيارات التي ستأتي من خطوط الإنتاج الألمانية هذا العام من المتوقع أن تكون 5.4 مليون سيارة، وهو ما يزيد عن 500 ألف أكثر من الـ 4.9 مليون التي تم تصنيعها في عام 2000.
أحد نقاط القوى لمنتجي السيارات الألمان هو حضورهم العالمي القوي. باعت سيارات ''بورش'' العام الماضي – التي لا تقوم بالإنتاج إلا في ألمانيا – منتجات في أكثر من 120 دولة، بنحو ثلثي المبيعات تأتي من خارج أوروبا.
مع ذلك فبعرض صعود تصنيع السيارات في الصين وفي دول اقتصادات أخرى صاعدة خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، فإن حصة المصانع الألمانية من جميع السيارات التي أنتجت في العالم تراجعت على نحو طفيف من 9 في المائة في عام 2000 إلى 7 في المائة متوقعة هذا العام.
بيد أن جانبا آخر من أداء شركات تصنيع السيارات الألمانية هو أنهم عوضوا الأهمية المنخفضة لأوروبا بزيادة عملياتهم في مصانع خارج القارة.
على سبيل المثال في عام 2007 فإن اثنين من أصل ثلاث سيارات ''فولكس فاجن'' صُنعت في مصانع أوروبية، لكن هذا العام فإن الرقم المقارن سيكون أقل من النصف، طبقاً لتوقعات شركة إل إم سي التي تعمل في استشارات السيارات. تشمل مجموعة فولكس فاجن على علامة فولكس فاجن التجارية الأساسية التي تصنع في شمال ألمانيا وشركات أخرى من بينها ''بورش'' و''أودي'' اللتان مقرهما ولاية بافاريا.
ومع أنهم يعملون على أساس عالمي – مع مصانع منتشرة في أرجاء العالم – فإن شركات السيارات الثلاث الكبرى تضع قوتها الهندسية والإنتاجية على عملياتها التصنيعية في الوطن.
حيث يساعدون ها هنا بالتنافسية العمالية المحسنة الناتجة عن الأجور الخافتة نسبياً على مدار العقد الماضي. مثال ذلك، في عام 2002 كان يُدفع لعامل سيارات في فرنسا متوسط 24 في المائة أقل في الساعة من نظيره أو نظيرته الألمانية، طبقاً لبيانات من شركة واردز أوتو الاستشارية.
أياً كان، فبحلول عام 2011 فإن هذه الثغرة قد تقلصت إلى 2 في المائة فقط. الشركات التي مقرها ألمانيا استثمرت أيضاً بشدة في تحسين كفاءات الإنتاج وفي زيادة قدراتها التكنولوجية في مجالات من أنظمة إدارات المحرك إلى الهياكل الصلبة ذات الوزن الخفيف.
يقول إيريك هوسر المحلل في بنك كريدي سويس إن الشركات الألمانية استغلت قوة عبارة ''صنع في ألمانيا'' لتلميع اعتمادهم كصناع لمنتجات السوق المترفة أو السيارات المتميزة.
ويقول هوسر: ''شركات فولكس فاجن وبي إم دابليو وديلمر سوقوا جميعاً لأنفسهم على نحو حسن للغاية''.
ليس الجميع إيجابياً. ألان راشورث، المسؤول الرئيس عن العمليات الأوروبية لشركة هيونداي الكورية يقول عن منافسيه الألمان: ''إنهم (فولكس فاجن وبي إم دابليو ودايملر) جيدون للغاية في إدارة أعمالهم، لكنهم عادة ما يجعلون عملياتهم بالغة التعقيد''. ينتقد السيد راشورث على سبيل المثال العدد الكبير لتنوع المنتجات المقدمة من مصنعي السيارات الألمان، يقول إنها تدفع بزيادة الأسعار.
كما أنه يقول إنه بتبسيط جانب التطوير للعمليات، فإن الشركات قد تقتطع بشكل كبير من الوقت اللازم لتقديم طرز جديدة.
أيضاً، فعلى الرغم من المكاسب التي حققتها شركات السيارات الألمانية الثلاث الكبرى، فإن فيليل هوشويس من بنك يو بي إس، يقول إن المستقبل غير مضمون على الإطلاق.
يقول إن الشركات قد تجبر على زيادة تطوير المنتجات الجديدة وتخفض النفقات جاهدةً للإبقاء على حصة السوق ليس عالمياً فقط، لكن في الأسواق الرئيسة بأوروبا، حيث قد تطول الصعوبات الاقتصادية لبعض الوقت.
«روبوتات» تدير مصنع «بي إم دابليو» داخل قطاع واحد فقط في مصنع ''دينجولفينج'' التابع لشركة بي إم دابليو في جنوب ألمانيا – حيث تصنع بعضا من أفخم السيارات العالمية – هناك 1.600 من ''روبوت'' تكدح في عملها.
تعمل هذه الـ ''روبوتات'' على نحو متوالٍ لتضع الأجزاء الصلبة مع بعضها بسرعة وأناقة أكثر مما قد يقوم القليل من العمال بمطابقتها.
وعلى نحو ملائم بما يكفي ففي موقع أجزاء ''الهيكل الأبيض'' – المسؤول عن تجميع الأغطية المعدنية الرئيسة للسيارات – فإن الـ ''روبوتات'' تفوق أعداد البشر إلى حد كبير.
زهاء ألف عامل فقط في كل وردية يؤدون عملهم إلى جانب مرافقيهم الآليين – والمنوط بهم سلسلة من المهام من لحام المقاطع الكبيرة في ألواح الهيكل، إلى وضع المسامير اللولبية في باقي لوحات السيارة ذات الحجم الكبير التي تكتمل بالآلات.
وإضافة إلى كونه أكبر مصانع ''بي إم دابليو''، فإنه بين أكفأ وأحدث مواقع الإنتاج الألمانية في أية صناعة.
مع استثمارات في المصنع يبلغ مجموعها نحو ستة مليارات يورو منذ تأسيسها في السبعينيات، توظف الوحدة 18 ألف شخص، وقد صنعت العام الماضي 330 ألف سيارة، من بينها سيارات الشركة الكبيرة من الفئة الخامسة والسابعة وأغطية الهياكل لسيارات ''رولز رويس'' الفارهة من ''بي إم دابليو''، حيث يتم التجميع النهائي لها في المملكة المتحدة.
يقول مدير المصنع ولف جانج ستادلر إن مصنع دينجولفينج استفاد من المنافسة على مدار الأعوام مع مصنع ''بي إم دابليو'' الأقدم في ميونخ، بفارق ساعات.
''في مصنعين أراد كل شخص أن يصبح الأفضل (في شبكة مصنع بي إم دابليو) وقد ساعدنا هذا''.
يقول مدير الإنتاج لشركة بي إم دابليو فرانك بيتر أرندت إن استثمارات الشركة اشتملت تأكيدا كبيرا على زيادة المحتوى التكنولوجي للسيارات، من تحسين المحركات إلى التركيز على استخدام صلب ذي متانة عالية في الأجزاء المهيكلة، وذلك بغية تقليل وزن السيارة وتخفيض استخدام الوقود.
وهناك دافع آخر في دينجولفينج هو ضخ الموارد في هندسة التصنيع، وذلك لزيادة كفاءة إنتاج المصنع واستبدال العمال بالآلات، ونتيجة لهذا يتم تقليل أية عيوب بوجود مصنع في منطقة بأوروبا تعد نفقات الأجور فيها عالية نسبياً.
دايزر 360 - موقع شامل متجدد يقدم النصائح المتعددة للمشاريع ورجال الاعمال والاعمال الحرة ونسائح للسيدات والصحة العامة للجسم نتمني ان نكون عند حسن ظن الجميع والله الموفق والمستعان