بعد 27 عاماً من تأسيسه لعملاق التجارة الإلكترونية، جيف بيزوس يتنحى عن إدارة أمازون. وخلال تلك الفترة، نجح بيزوس في ترسيخ سلسلة من المبادئ القيادية الثورية التي يعتبرها البعض بمثابة العمود الفقري لمسيرة نجاحه. ويعتبر بيزوس اليوم أغنى أغنياء العالم، بعد أن بنى شركةً من أقوى شركات التجارة الإلكترونية في العالم، انطلاقاً من مكتب صغير ومتواضع.
بالنسبة لبيزوس، لم يكن تحقيق الأرباح على قائمة أهدافه قصيرة المدى، بل كان يهدف منذ البداية إلى بناء شركة ناجحة تهتم برضا عملائها وسعادتهم. وهذا ما يؤكده جميع الأشخاص الذين سبق لهم أن عملوا في «أمازون»، حيث إن الشركة تهتم وبشكل لا يمكن وصفه بعملائها ورضاهم عن مستوى خدمات الشركة.
يحب بيزوس العمل مع الفرق الصغيرة ويكره مبدأ العروض التقديمية في اجتماعات العمل، ويفضل بدلاً من ذلك استخدام المذكرات الخطية مع المديرين التنفيذيين لمناقشتها. والمعروف عنه في مثل هذه الاجتماعات أنه يحفز الجميع على المشاركة عبر طرح الأسئلة عليهم حول الأفكار والنقاط التي يجري مناقشتها، وذلك لتجنب هيمنة شخص ما على مجريات الاجتماع. كما أكد العديد من الأشخاص الذين يعرفونه، أن بيزوس يحب الأشخاص الذين يجادلون ويدافعون عن أفكارهم خلال الاجتماعات. وذكر أحد الموظفين السابقين: «كنا نتجادل كثيراً لدرجة قد تصل إلى الصراخ على بعضنا البعض. كل شيء كان متاحاً للنقاش على طاولة الاجتماع، وقد يكون النقاش محتدماً للغاية في كثير من الأحيان. ولكن حول الموضوع المطروح وليس حول الأشخاص». تتبع «أمازون» مجموعة من 14 مبدأ للقيادة، ويتحدث أحد هذه المبادئ عن ضرورة الاختلاف في الآراء. ويبدو أن بيزوس يريد حقاً تعزيز ثقافة الاختلاف على أعلى المستويات.
ولكن كل ذلك لم يجعل بيزوس في منأى عن الانتقادات، حيث نشرت صحيفة نيويورك تايمز في عام 2015 مقالاً يستعرض شهادات من موظفين سابقين عن ثقافة العمل القاسية في «أمازون». فمن المعروف عن بيزوس أنه من محبي الابتكارات الهندسية والاختراعات والآلات، كما أنه من المهووسين بالأرقام والإحصاءات، وهذه من الصفات الجيدة في عالم الخدمات اللوجستية. ولكنّ منتقديه يقولون إن لهوسه هذا تكاليف كبيرة على الصعيد البشري، وخاصة في مستودعات «أمازون» العديدة. أما في المستويات الإدارية العليا، فيبدو أن بيزوس يتبع أسلوباً مختلفاً، حيث إنه يحب أن يمنح الفرق الإدارية لديه الاستقلالية لاعتقاده أن ذلك يعزز من قدراتها الابتكارية.
طالما اتبع بيزوس سياسة النفس الطويل في إدارة «أمازون»، وغالباً ما يستخدم الأشخاص المقربون منه كلمة «المنهجية» لوصف اهتمام الشركة البالغ برضا العملاء واعتبار رضاهم من الأرباح قصيرة الأجل. وسواء كنتَ تحبه أو تكرهه، أثبت بيزوس أنه يتمتع بشخصية قيادية فذة، وأنه شخص تمكن من تغيير الطريقة التي تعمل بها الشركات حول العالم.