تسابق إدارة نادي برشلونة الإسباني الزمن للخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي عصفت بالعملاق الكتالوني على خلفية الإغلاق الذي طاول كرة القدم العالمية جراء تفشي جائحة "كوفيد-19"، وتسبب في خسارة الأندية الكبرى لعوائد ضخمة مع استمرار المصروفات وتزايدها. وعلى رغم الإجراءات الصارمة التي اتخذها الفريق الإدارة الذي يترأسه خوان لابورتا لا تزال صورة برشلونة ضبابية على الجانبين الاقتصادي والرياضي، إذ يؤثر كل منهما في الآخر.
وخلال مقابلة مع محطة الإذاعة الرئيسة في كتالونيا "راك-1" أكد رئيس "برشلونة" خوان لابورتا أهمية الالتزام بالموازنة التي وافقت عليها الجمعية العمومية للنادي في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بغالبية 372 صوتاً مؤيداً في مقابل 37 صوتاً معارضاً و12 صوتاً باطلاً.
وتحمل موازنة الموسم الحالي (2023 - 2024) توقعات طموحة بزيادة الدخل العام للنادي إلى 859 مليون يورو (929.96 مليون دولار) مع أرباح صافية قيمتها 11 مليون يورو (11.91 دولار) بعد خصم الضرائب.
ووصف لابورتا عملية إنهاء الموسم بتحقيق الموازنة المتوقعة بأنها خطوة حاسمة للتغلب على ما يسميه "أحلك فترة في تاريخ برشلونة"، وهو ما سيقود النادي للعودة لقاعدة بيع لاعب في مقابل شراء لاعب في سوق الانتقالات، بعدما اضطر إلى التنازل عن أهم لاعبيه وإغفال صفقات ضرورية لتقليل الإنفاق.
ومع اقتراب نهاية العام المالي الحالي يظل مجلس الإدارة متفائلاً في شأن تلبية الموازنة المعتمدة، وفي ما يتعلق بالنفقات التي قدرت بنحو 832 مليون يورو (900.73 دولار)، يوجد حالياً انحراف طفيف يبلغ حوالى 12 مليون يورو (12.99 مليون دولار) سببه بعض المصروفات على الفريق الأول، مثل ضم المهاجم البرازيلي فيتور روكي وتجديد عقد المدير الفني تشافي هيرنانديز وفريقه التدريبي المعاون في سبتمبر (أيلول) 2023.
وعلى صعيد الدخل الذي كان من المتوقع أن يصل إلى 859 مليوناً، فهناك نقص طفيف قدره 15 مليون يورو فقط (16.24 مليون دولار)، ويعزى إلى انخفاض إيرادات التذاكر من إستاد "مونتغويك" الذي يخوض عليه الفريق مبارياته في ظل عملية تجديد الملعب الرئيس "كامب نو".
وتشير أرقام النادي التي كشفها لابورتا إلى أن العجز الذي سببه ملعب "مونتغويك" يتجاوز 20 مليون يورو (21.65 مليون دولا) مقارنة بما كان يمكن الحصول عليه في "كامب نو" حتى هذا الوقت من الموسم.
ويثق برشلونة أن الانحرافات المالية سواء في الدخل أو الإنفاق ستصحح خلال الأشهر الأربعة الباقية من الموسم، كما أنه من المتوقع أن تؤدي النجاحات الرياضية مثل التأهل إلى الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا إلى زيادة الإيرادات.
ويتوقع النادي أيضاً زيادة في الحضور السياحي خلال الأشهر الأخيرة من العام الدراسي، مما يسهم في حضور المباريات وزيارات متحف النادي، وإضافة إلى ذلك يمكن للعقود الجديدة المحتملة من القطاع التجاري أن تعزز الوضع المالي للنادي.
ويخوض برشلونة في الـ12 من مارس (آذار) المقبل مواجهة مصيرية مع نابولي الإيطالي في إياب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا، بعد التعادل بنتيجة (1-1) في مباراة الذهاب التي استضافها إستاد "دييغو أرماندو مارادونا" معقل الفريق الإيطالي، إذ يسعى "البارسا" إلى اتخاذ عدة خطوات تزيد نقاط تصنيفه الأوروبي للتفوق على "أتلتيكو مدريد" في سباق المشاركة بـ "كأس العالم للأندية 2025" بشكلها الجديد.
ووفقاً لمعايير تصنيف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في النسخ الأربع الأخيرة من دوري أبطال أوروبا، فقد جمع برشلونة 56 نقطة ويتأخر بفارق سبع نقاط عن نادي "لوس روخيبلانكوس" الذي يمتلك 62 نقطة، لكنه قد يودع البطولة الأوروبية من دور الـ16 بعد الخسارة بنتيجة (0-1) من إنتر ميلان الإيطالي.
ويسعى برشلونة إلى وصول لأبعد نقطة ممكنة في دوري أبطال أوروبا هذا العام للتعادل مع أتلتيكو في رصيد النقاط، ووفقاً لمعايير "يويفا" في حال التعادل، يحصل صاحب أكبر عدد من النقاط في الموسم الحالي على المقعد المؤهل لكأس العالم للأندية في أميركا.
ويتنافس "برشلونة" و"أتلتيكو مدريد" على المقعد الإسباني الثاني، إذ إن المركز الأول مضمون بالفعل لـ "ريال مدريد" كبطل لأوروبا عام 2022.
وفي حين أنه من المتوقع أن تساعد هذه الإجراءات في تلبية مضاهاة موازنة الموسم، فمن المسلم به أن هناك حاجة إلى خطوات إضافية للتعامل مع لوائح اللعب المالي النظيف الخاصة برابطة الدوري الإسباني "لا ليغا"، إذ لا يزال النادي في خضم أزمة دفعته لمقاضاة مجموعة "ليبيرو" الألمانية لفشلها في سداد التزامها المالي البالغ 40 مليون يورو (44 مليون دولار)، والذي كان مخصصاً لشراء حصة بنسبة 10 في المئة من مشروع "بارسا فيجن"، وهي صفقة أبرمت من خلال وسيط هو شركة "بريدغبرغ إنفست"، لكنها لم تكتمل في النهاية.
وبعد نجاح مجلس الإدارة الحالي لـ "برشلونة" برئاسة لابورتا خلال الانتخابات الاستثنائية التي حدثت بعد استقالة الرئيس السابق جوسيب ماريا بارتوميو، اكتشف الفريق الإداري الجديد مدى الأزمة المالية الضخمة التي يمر بها النادي وأن ديونه تخطت حاجز الـ1.34 مليار يورو (1.44 مليار دولار).
واتجه لابورتا ورجاله إلى بيع حقوق النادي المستقبلية في سبيل تدبير أموال آنية للحصول على موافقة رابطة الدوري الإسباني على إيرادات صفقة بيع حقوق البث والحقوق التجارية وسداد أجزاء من الديون.
وحصل "برشلونة" على 200 مليون يورو (221.4 مليون دولار) من بيع 49 في المئة من "بارسا فيجن" إلى شركتي "أورفيوس ميديا" و"سوسيوس دوت كوم"، ثم تدخلت مجموعة "ليبيرو" وشريكتها "نيبا" لإعادة شراء 29.5 في المئة من الحصة الأصلية التي بيعت خلال صيف 2022.