ما هو التعلق العاطفي، ومتى يصبح غير صحي؟

ما هو التعلق العاطفي، ومتى يصبح غير صحي؟

 
 

التعلق العاطفي أو الارتباط العاطفي (بالإنجليزية: Emotional Attachment) هو الشعور بالمودة والاتصال العاطفي مع من حولنا والذي يساعد في الحفاظ على العلاقات. يعد الارتباط العاطفي حاجة إنسانية أساسية تلعب دورًا في التواصل البشري منذ الطفولة بالروابط التي تتشكل بين الطفل ووالديه، ثم الأصدقاء والأزواج عند الكبر.

 

يمنحنا التعلق العاطفي الصحي والآمن شعورًا بالاطمئنان والسعادة، ولكن قد يتحول في بعض الحالات إلى تعلق عاطفي غير صحي أو مرضي عند الاعتماد كليًا على الآخرين في تلبية الاحتياجات العاطفية والتعلق الشديد بهم، أو في حالة غياب التعلق العاطفي نهائيًا، فكلاهما قد يؤثر على صحة الفرد النفسية.

 

أنواع التعلق العاطفي

تشمل أنواع التعلق العاطفي ما يلي: 

التعلق الآمن
يعد التعلق الآمن هو الشكل الصحي للارتباط العاطفي، حيث ينبع من إحساس الشخص بالحب والأمان مع الآخر، فعلى سبيل المثال يلاحظ التعلق العاطفي عند الأطفال نتيجة الشعور بالأمان مع آبائهم، ويظهر ذلك في صورة ضيق الطفل عند مغادرة والديه وترحيبه بهم عند عودتهم، واللجوء إليهم عند شعوره بالقلق أو الخوف.

يحدث التعلق العاطفي الآمن عند الأطفال عندما يتمتع الوالدان بتفهم لمشاعر أطفالهم وإدراك لاحتياجاتهم العاطفية.

يظهر التعلق الآمن عندما يكبر الشخص في بناء علاقات صحية طويلة الأمد مع من حوله، وثقته بنفسه، وقلة الغيرة، وكذلك عدم الحاجة إلى الطمأنة الخارجية.

 

التعلق القلق

هو نوع من التعلق العاطفي غير الآمن يحدث نتيجة شعور الشخص بالقلق المستمر والخوف من الهجر أو الرفض، وغالبًا ما ينشأ نتيجة عدم رعاية الوالدين جيدًا للطفل والانتباه لاحتياجاته، فيهتمون به تارة وتارة أخرى يبتعدون عنه، فيشعر الطفل بالضيق الشديد عند ابتعاد والديه عنه. 

يظهر التعلق العاطفي القلق عند الكبار في العلاقات في صورة شعور الشخص بعدم استحقاقه للحب، وربما يلوم نفسه على المشاكل في العلاقات، وكذلك قلة ثقته بنفسه وكثرة الغيرة وحاجته الدائمة للطمأنة، يعد ذلك طريقة للتعبير عن المخاوف النابعة من داخله من فكرة التخلي أو الرفض. 

 

التعلق التجنبي

التعلق التجنبي أحد أنواع التعلق العاطفي غير الآمن، وقد ينشأ نتيجة إهمال الطفل أو اتباع أسلوب صارم في تربيته، والمبالغة في جعله يعتمد على نفسه، واهتمام الوالدين بالالتزام بالجانب الأخلاقي والدراسي على حساب الاهتمام باحتياجات الطفل العاطفية.

قد يعاني هؤلاء الأشخاص عند الكبر من عدم القدرة على بناء علاقات طويلة الأمد، ويميلون إلى تجنب فكرة التعلق وربما يسيطر عليهم عدم الارتياح من التقارب، إذ أنهم لا يشعرون بالحاجة إلى علاقة عاطفية حميمة، كما أنهم يرفضون محاولات التقرب منهم، وربما يصعب عليهم تلبية احتياجات الآخرين من الشعور بالأمان.

 

التعلق غير المنظم
يعد التعلق غير المنظم نوعًا من التعلق غير الآمن ينشأ نتيجة تعرض الطفل في صغره للعنف والإساءة، والخوف من الوالدين.

تكون سلوكيات هؤلاء الأشخاص عند الكبر غير متوقعة في العلاقات مع صعوبة الثقة بالآخرين، حيث يسعى هؤلاء الأشخاص وراء الحب ولكن سرعان ما ينتابهم الخوف فيُبعدِون الآخرين عنهم، فهم مشتتون بين الرغبة في العلاقة العاطفية والخوف من الحب أو التعرض للرفض.

 

ما الفرق بين الحب والتعلق العاطفي؟

يختلف الحب عن التعلق العاطفي، حيث أن استمرار العلاقات العاطفية أو الصداقة يعتمد على وجود الحب مع تعلق عاطفي صحي، فبدون التعلق العاطفي بين الزوجين أو الأصدقاء قد يبحث الشخص عن شريك آخر بمجرد أن تتلاشى مشاعر الحب الأولى الجياشة، أو بمجرد الخلاف مع الصديق.

يعزز هرمون الأوكسيتوسين الترابط والثقة ويساهم في خلق الشعور بالأمان في المرحلة الأولى من العلاقة، بينما تلعب هرمونات أخرى دورًا في الإحساس بالنشوة والتوتر وغيرها من المشاعر في بداية الحب، ولكن بمرور الوقت تقل شدة هذه المشاعر، ومع ذلك يبقى التعلق العاطفي هو ما يمنح الشعور بالأمان ويعزز مشاعر الحب.

يعد السبب الكامن وراء المشاعر هو الفرق الجوهري بين الحب والتعلق العاطفي بالزوج أو الصديق، فحب شخص ما لا يرتبط بما يستطيع أن يقدمه أو يمنحه، فالبرغم من أن العلاقات تستدعي تبادل العطاء والدعم، ولكنها لا تُبنى على المصالح الشخصية وأن هذا الشخص يلبي احتياجاتي، بل ينطوي الحب على رغبة الشخص في عطاء الآخر. على سبيل المثال العلاقة بين الآباء وأطفالهم فهم يحبون أطفالهم دون مقابل فالطفل لن يلبي احتياجات والديه من الحماية والأمان، وعلى الرغم من ذلك ينبع حب الآباء من رغبة مطلقة في إسعاد الطفل وتحقيق رفاهيته.

في المقابل قد ينشأ التعلق العاطفي لدى الشخص نتيجة افتقاده الألفة والأنس، فيتعلق بالشخص الذي يلبي هذه الاحتياجات له، وليس حبًا فيه.

 

متى يصبح التعلق العاطفي مرضًا؟

نحتاج جميعنا للارتباط العاطفي مع الآخرين، ولكن يوجد خط رفيع بين التعلق العاطفي الصحي والتعلق المرضي أو غير الصحي، فقد تؤدي الاحتياجات العاطفية لدى البعض إلى ارتباط عاطفي شديد جدًا، يقود الفرد للتخلي عن تقدير ذاته، والاستغناء عن السلام الداخلي وحرية الاختيار، فيصبح التعلق العاطفي غير صحي ويؤثر سلبًا على العلاقة والإحساس بالسعادة والراحة.

تشير العلامات التالية إلى وجود تعلق عاطفي مرضي أو غير صحي:

اكتساب الشخص قيمته وتقديره لنفسه بناء على احترام شريكه له، ومع حدوث خلاف أو إنهاء العلاقة يشعر الشخص بعدم الثقة في النفس ونقد ذاته، والإحساس بالفراغ والقلق والاكتئاب.
عدم توازن العلاقة سواء بقلة الاهتمام بالشريك أو المبالغة في الاهتمام به.
الدخول في علاقة لتجنب الشعور بالوحدة، حيث أن عدم بناء الشخص علاقة مع نفسه يؤدي إلى أن يصبح معتمدًا على الآخرين لتلبية احتياجاته.
الشعور بالوحدة والقلق عند انشغال الشريك أو الصديق.
بذل مجهود مبالغ فيه وتكريس الاهتمام للعلاقة على حساب النفس.
التعلق الشديد بالشخص وتخيل عدم القدرة على العيش دونه ما يؤدي إلى توجيه الاهتمام لجميع متطلباته واحتياجاته، وبمرور الوقت يجد الشخص نفسه قد غير اهتماماته وسلوكياته بما يتوافق مع شريكه.
البقاء في علاقة رغم ما تسببه من ضغط نفسي، وقلق، واكتئاب.

 

كيفية التغلب على التعلق العاطفي المرضي

عادة ما يكون من الصعب اتخاذ الخطوة الأولى في كسر التعلق العاطفي غير الصحي أو المرضي خوفًا من الشعور بالوحدة، ولكن يبدأ كسر التعلق عند الرغبة الحقيقية في الحصول على السعادة وصدق المرء مع نفسه، الأمر الذي يمكنه من التحلي بالقوة للتغيير أو التخلي عن العلاقات السامة.

تساهم بعض الطرق في تحسين نمط التعلق العاطفي وعلاجه، ومنها: 

التفكير في طبيعة العلاقة
تعد أول خطوة في كسر التعلق العاطفي المرضي أو غير الصحي هي الخلوة بالنفس والتفكير بصدق في طبيعة العلاقة، ومحاولة تحديد نوع الارتباط أو التعلق العاطفي بالصديق أو الشريك فيما إذا كان صحيًا وآمنًا أم أنه تعلق غير صحي، وذلك من خلال سؤال النفس عن مدى القدرة على تلبية احتياجات النفس العاطفية أم أن ذلك لا يتحقق إلا بالاعتماد الكلي على الشريك، وكذلك ماهية الروابط العاطفية التي تجبر الشخص على البقاء في هذه العلاقة.

الحصول على الدعم من الأهل والأصدقاء
قد يساعد تبادل الأفكار مع الأهل والأصدقاء وسؤالهم عن رؤيتهم لطبيعة العلاقة معهم أو مع غيرهم في إدراك نوع التعلق العاطفي. بالإضافة إلى ذلك يفيد دعمهم في التغلب على الخوف من الوحدة الذي قد يجبر الشخص على البقاء في علاقة سامة.

 

تغيير السلوك
يساهم تغيير السلوك إلى سلوك صحي لتحسين الصحة النفسية والبدنية في كسر التعلق العاطفي بشخص، ويمكن أيضًا القيام ببعض الخطوات البسيطة، مثل:

تخصيص وقت لاكتشاف النفس واستعادة الهوية الشخصية.
القيام بأنشطة مفضلة وممتعة للمساعدة في التغلب على الخوف الذي قد يتملك الشخص عند البقاء وحيدًا بعض الوقت.
تعزيز العلاقات مع العائلة والأصدقاء مما يساعد على الشعور بالأمان.

 

التغيير والتجديد
لا ينصح بالهروب من المشاكل، ولكن قد يفيد التجديد في التخلص من التعلق المرضي، مثل الانتقال إلى منزل جديد أو القيام ببعض التغيرات في المنزل، أو ببساطة الذهاب إلى مطعم أو أماكن جديدة للتنزه.

الانضمام إلى العلاج الجماعي
يفيد العلاج الجماعي في اكتشاف الفرد لطبيعة تعلقه العاطفي، ويظهر ذلك في أسلوب تعامله مع الآخرين، فيساعد في فهم كيفية تأثيره على من حوله وتأثيرهم عليه.

 

الخضوع للعلاج النفسي
يساهم العلاج النفسي في فهم طبيعة التعلق العاطفي لدى الشخص واكتشاف الأسباب التي أدت إلى مشكلات التعلق وكيفية تأثيرها على العلاقة الحالية، كما يفيد العلاج النفسي في:

توفير بيئة آمنة للتعبير عن المشاعر والعواطف.
تعلم كيفية تكوين علاقة صحية.
تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالذات.
تعلم استراتيجيات تلبية احتياجات النفس العاطفية.
إدراك تأثير التعلق العاطفي على الاضطرابات النفسية، مثل الاكتئاب، أو القلق، أو اضطراب الشخصية الحدية، أو اضطراب ما بعد الصدمة.

اكتب تعليقك

D360 2

موقع دايزر 360 - متجدد وشامل .

بريد الكتروني:

info@dyizer360.com

دايزر 360 - موقع شامل متجدد يقدم النصائح المتعددة للمشاريع ورجال الاعمال والاعمال الحرة ونسائح للسيدات والصحة العامة للجسم نتمني ان نكون عند حسن ظن الجميع والله الموفق والمستعان

dyizer canface

البحث