شهدت نسخة كأس الأمم الأفريقية 2023 المقامة حالياً في كوت ديفوار، خروج المنتخبات العربية المشاركة التي وصل عددها إلى خمسة، ولم يتخطَ أيّ منها دور الـ16، حتى إن هناك ثنائياً من الكبار ودع المنافسات من الدور الأول بنتائج صادمة وغير متوقعة.
فخرج منتخبا تونس والجزائر من دور المجموعات، إذ لم يحققا فوزاً واحداً ضمن الجولات الثلاث، وتعرض نسور قرطاج لهزيمة أمام ناميبيا في المجموعة الخامسة، إلى جانب التعادل أمام مالي وناميبيا ليتذيل المنتخب التونسي الترتيب بنقطتين فقط، وجاء محاربو الصحراء في المركز الرابع ضمن المجموعة الرابعة بعد تعادل في مباراتين أمام أنغولا وبوركينا فاسو، وتعرض المنتخب الجزائري لهزيمة أمام موريتانيا.
ولحق الثلاثي العربي المتبقي بالثنائي الجزائر وتونس من دور الـ16، فودعت مصر المنافسات أمام الكونغو الديمقراطية وموريتانيا أمام كاب فيردي والمغرب في مباراته أمام جنوب أفريقيا، لتواصل النسخة الـ34 من كأس الأمم الأفريقية مفاجآتها، وتخلو المنافسة في الوقت الحالي من منتخبات شمال أفريقيا.
اللياقة البدنية
وعانت المنتخبات العربية أثناء منافسات البطولة بصورة كبيرة من الرطوبة في كوت ديفوار، بحسب ما صرح به أكثر من مسؤول موضحاً أن ارتفاع نسبتها خلال فترة البطولة أثرت سلباً في اللاعبين داخل الملعب، مما انعكس على الأداء ضمن المباريات.
وفي هذا الصدد قال نجم تونس السابق زياد الجزيري في تصريحات إلى "اندبندنت عربية" على المستوى الباهت الذي ظهرت به المنتخبات العربية "تأثير الرطوبة العالية في كوت ديفوار باللياقة البدنية كان سبباً قوياً ورئيساً في خروج هذه الفرق، وأثرت هذه الأجواء في مستواها بصورة كبيرة".
وعن مستوى منتخب تونس وتعليقه على الخروج من دور المجموعات فقال إن "وجود لاعبين كبار في السن في قائمة تونس ليس السبب الرئيس في خروج المنتخب مبكراً، لم يكن هناك أكثر ليقدموه في البطولة، وهذا ينطبق على بقية المنتخبات العربية في هذه النسخة".
وأضاف الجزيري أن "مشكلة منتخب تونس ليست في اللاعبين أو المدرب جلال القادري، فأزمته أكبر من ذلك بكثير وخارج الملعب، ويجب أن يكون هناك اهتمام بالمنظومة ككل من أجل عودتنا مرة أخرى لمكانتنا الحقيقية".
أين الأكثر تتويجاً؟
وكان منتخب مصر قبل البطولة من أبرز المنتخبات المرشحة للتتويج باللقب، وهي الحال نفسها في كل بطولة لأنه الأكثر حصولاً عليها في التاريخ برصيد سبع نسخ في أعوام 1957 و1959 و1986 و1998 و2006 و2008 و2010، إذ ظهر بصورة فنية غير مرضية للجماهير المصرية خصوصاً.
وتحدث المدرب المساعد السابق لمنتخب مصر حمادة صدقي الذي كان موجوداً ضمن الجهاز الفني التاريخي للفراعنة بقيادة حسن شحاتة الذي حقق ثلاث بطولات متتالية 2006 و2008 و2010، عن أسباب ظهور منتخب مصر بهذه الصورة، فقال "قبل البطولة كان هناك تفاؤل بقيادة فيتوريا لمنتخب مصر، ولكن عند بدايتها تفاجأنا بأسلوب إدارته للمباريات، وهو لم يدرب منتخبات من قبل، كان على اتحاد الكرة البحث عمّن يعرف جيداً كيفية التعامل في البطولات المجمعة، والبرتغالي لم يدرب سوى أندية خلال مسيرته بصورة عامة".
وأضاف صدقي في تصريحات إلى "اندبندنت عربية" عن أسباب غياب منتخب مصر عن التتويج منذ آخر بطولة عام 2010 عندما كان في الجهاز الفني، وقال "هذه نتائج عدم انتظام المسابقات المحلية في مصر، وضغط المباريات في الدوري المصري هو السبب في ظهور اللاعبين بهذه الصورة مع المنتخب الوطني، وأحد الأسباب عدم إلغاء النصف الثاني من الدوري المصري وقت جائحة كورونا، لذا يدفع ثمن هذا حتى الآن".
وعن خروج المنتخبات العربية بصورة عامة، أوضح أن "المنتخبات العربية لم تحضر جيداً للفرق الصغيرة، وفي كرة القدم يجب أن تضع كل قوتك أمام أي فريق في الوقت الحالي، الجميع أصبح يمتلك إمكانات فنية رائعة وفي مقدمة الفرق كاب فيردي".
المغرب والجزائر
قد تعود الصدمة في خروج المغرب والجزائر، لكون مدربي المنتخبين على قدر كبير من الخبرة في التعامل مع بطولة كهذه وتحقيق نتائج مبهرة، بخاصة المدير الفني جمال بلماضي الذي حقق مع الجزائر البطولة في نسختها عام 2019 بعد أداء مبهر.
ولكن دخول جمال بلماضي في مناوشات مع الإعلام قبل البطولة أكثر من مرة، إضافة إلى مشادات مع بعض اللاعبين جعله يفقد أحد العناصر المهمة وهو نجم وست هام يونايتد سعيد بن رحمة قبل البطولة، مما أثر سلباً في المنتخب الجزائري بصورة كبيرة.
وخروج المنتخب الجزائري كلف جمال بلماضي الرحيل عن منصبه في بيان رسمي من رئيس الاتحاد الذي قال "نعتذر إلى عشاق المنتخب الوطني والشعب الجزائري ونأسف على الصورة التي ظهر بها المحاربون في كأس أمم أفريقيا والخروج المر من الدور الأول، بعدما اجتهدنا ووفرنا ظروفاً مثالية للاعبينا من أجل التألق وتحقيق الهدف، معذرة مرة أخرى ملايين الجزائريين الذين يعشقون منتخبهم وسوف لن يتخلوا عنه بكل تأكيد في الاستحقاقات المقبلة، اجتمعت مع المدرب الوطني السيد جمال بلماضي للحديث عن تبعات هذا الإقصاء المر وتوصلنا إلى اتفاق ودي بحل الارتباط وفك العقد الذي يربط المدرب بالاتحاد الجزائري لكرة القدم، نشكر المدرب جمال بلماضي على كل ما قدمه للمنتخب ونتمنى له حظاً موفقاً في بقية مشواره".
ولم يختلف الأمر كثيراً بالنسبة إلى المنتخب المغربي، إذ تحمل المدير الفني وليد الركراكي نفسه المسؤولية على ما ظهر عليه أسود الأطلس في البطولة، عقب الخروج أمام جنوب أفريقيا أمس الثلاثاء ضمن دور الـ16 من البطولة بنتيجة (2-0).
وقال الركراكي في تصريحاته عقب اللقاء "أنا اتحمل مسؤولية هذا الخروج من البطولة، اللاعبون نفذوا التعليمات بالحرف، خسارة المباراة وعدم التأهل سيعلمنا كثيراً في المقبل، وكنا لا ننتظر ذلك مطلقاً، بخاصة خيبة أمل جماهيرنا التي ساندتنا بقوة منذ بداية المنافسات حتى الدقيقة الأخيرة".
موريتانيا
ويعد المنتخب الموريتاني هو الوحيد الذي قدم شيئاً يحسب له في النسخة الحالية من منافسات كأس الأمم الأفريقية، بعدما تأهل للمرة الأولى في تاريخه من دور المجموعات بعد مشاركتين اكتفى خلالهما بالظهور في الدور الأول فقط.
خسارة المنتخب الموريتاني في أول مباراتين أمام بوركينا فاسو وبعدها أنغولا لم تمنعه من الصعود إلى الدور الثاني، ولكن فوزه على الجزائر نقله إلى مواجهة كاب فيردي في دور الـ16، وخسارة بصعوبة بنتيجة (1-0) وسط أداء مبهر.
وقال المدير الفني للمنتخب الموريتاني أمير عبده عن الخروج "نحن محبطون بعض الشيء، الخسارة جاءت من خطأ فردي، ولم نستحق ذلك، ظهرنا بصورة جيدة في هذه النسخة ويجب أن نحتفظ بالإيجابيات للمستقبل والبناء عليها"، وهذا يعكس طموح المدرب مع اللاعبين وظهر ذلك بالفعل في المباريات التي خاضوها خلال المنافسات.